المنشورات

الثلاثاء، 11 نوفمبر 2014

ترجمة مختارات من ديوان شمس تبريزي

مختارات من ديوان «شمس تبريزي» 
لمولانا جلال الدين الرومي
ترجمة عاشور الطويبي
المصدر: موقع شيرازيات




جلال الدين الرومي، المشهور بـ«مولانا»، ولد في الطرف الشرقي للإمبراطورية الفارسية، في ما يُعرف الآن بأفغانستان، في مدينة بلخ سنة 1207م. الرومي سليل فقهاء كبار. هرباً من ظلم الاجتياح المغولي نزحت عائلته إلى أن وصلت مدينة قونيا بتركيا. ومن طرائف ما يُروى أن الصوفي الكبير فريد الدين العطار صاحب «منطق الطير» شاهده في دمشق يسير خلف أبيه، فقال: «محيط يسير خلف بحر».
تابع مولانا جلال الدين الرومي عمل أبيه كفقيه ومُفتٍ إلى أن حدث الانقلاب الكبير في تاريخه الشخصي وتاريخ التصوّف وتاريخ الشعر، وكان ذلك عام 1244م حين التقى بشمس التبريزي، فترك وقار الفقيه الشيخ، وساح مع ألحان الناي، يرقص ويحضر في ذرات الكون روحاً صافية وشعراً عظيماً. كتب مولانا في هذا الصحبة، وتشريفاً لها، آلاف القصائد والرباعيات. وحين غُيِّب عنه حبيب قلبه شمس التبريزي (قيل قُتل) بحث عنه طويلاً. كتب مولانا كتابه العظيم الآخر «المثنوي»، الذي ترجم الدكتور عبد السلام كفافي المجلدَين الأولَين منه في سبعينيات القرن الماضي، وترجمه كاملاً تلميذه الدكتور إبراهيم الدسوقي شتا في ستة مجلدات ضخمة. ثمة ترجمات عدّة إلى العربية لمختارات من الديوان الكبير، «ديوان شمس تبريز». وهذه ترجمة أخرى أقدمها لمختارات من هذا الشعر الكوني، عن الإنكليزية من ترجمة الأميركي كولمان باركس والتي هي من أحسن الترجمات في اللغة الإنكليزية.


حان الوقت

حان الوقت لننضمَّ إلى مجانينك
المكبّلين معاً بالسلاسل.
حان الوقت لنكون أحراراً تماماً، ومنبوذين.
حان الوقت لنهب أرواحنا،
لنشعل النار في الهياكل ونركض في الشوارع.

حان الوقت لنتخمَّر.
 كيف نتركُ حوض العالم ونذهب إلى الشفة؟
علينا أن نموت لنصير بشراً حقيقيين.

علينا أن نتغيّر رأساً على عقب
كمشط في قمّة شعر امرأة جميلة.

انشرْ جناحَيك كشجرة ترتفع في الحديقة.
بذرة ملقاة على الطريق،
حجر يذوب إلى شمع، شمعة تصير عثّاً.
على رقعة الشطرنج يبارك الملك ثانية بملكته.

حين تقترب كثيراً وجوهنا من مرآة العشق،
علينا ألا نتنفَّس،
أن ننتقل إلى مكان نقي حيث كان المبنى
ونتحسّس الكنز المخبَّأ فينا.

بلا بداية أو نهاية،
نحيا في العاشقين كما الحكاية التي يعرفونها.

لو أنتَ المفتاح،
سنكون أوتاد القفل.

عاشقٌ أنتَ، والعشق خمّارة

كلّ لحظة يصل العشق من كل جانب
لا مزيد من الفرجة.

نرحل من أجل فراغ نقيّ،
السفر مع الأصحاب الذين عاشرناهم ذات مرّة،
ما بعد الملائكة، ما بعد الروحانية، إلى مدينة العظمة مدينتا.

حمِّل. قلْ وداعاً لهذا المكان المغبر،
حظّ فتيّ يسافر أمامنا.

التنازل عن الروح أساس عمل هذه القافلة،
بوجود المختار دليلاً،
الذي جاء القمر يستجديه.

صبيّة متواضعة، رقيقة تتبع عطر شعره.
ينشقُّ القمر. نمرُّ عبره،
طيور الماء ترتفع عالياً لتبحث عن بحيرة أخرى.

أو قل إننا نعيش في بحر العشق،
حيث تعمل الثقة لسدّ قارب الجسد،
لتجعله يدوم لبرهة،
إلى تحطم السفينة المحتوم،
الزواج الكلّي، الموت - الاتحاد.

ذُبْ في الصحبة كسكرانَين يختصمان.

لا تبحث عن العدالة هنا
في الغابة تمنحك روحك الحيوانية
نصيحةً خبيثةً.

اشربْ ما يكفي من الخمر حتى تتوقف عن الكلام.
عاشق أنت، والعشق خمّارة
حيث لا أحد يقوم بعمل ذي معنى.

حتى لو أن الذي تقوله شِعراً
سميكاً كسماكة أكياس سليمان المليئة بالذهب،
لا مغزى له.


تلك أسماؤنا أيضاً

نحن موجة الدفء
في شتاء عنيد.

نحن الشمس،
بكل ألوان الضوء.
نحن الريح.
اليمامات عندما تصيح «كو»،
أين،
تبحث عنا.

العنادل والببغاوات
تبدّل أماكنها
آملة أن تكون قريبة منا.

وصلت كلمة منّا
إلى السمك.
مالت وقفزت.

مِن تلك الإثارة
تواصل الأمواج المجيء.
وأُعطيتْ للروح آذان
لتسمع الأشياء
التي يعجز العقل عن فهمها.

في عالم الروح العظيم،
اسم «محمد»
يُنادَى مع أصحابه الأربعة،
أبو بكر، عمر، عثمان، وعلي.

تلك أسماؤنا أيضاً.
خرجنا من العبودية
بأكوام من قصب السكَّر.
لا حاجة لذكر مصر.

حلاوة حديثنا معاً
هو ما نلوكه ونُحضِّره للعالم.


القدح والجرّة والنهر

البعض يتحدّث عن
القدح والجرّة والنهر
وكيف يعتمد كل منها على الآخر.

ما يسيل في النهر
يملأ القدح،
لكن الخزّاف فقط
مَن يعرف حال القدح.
واحد يشرب من الآخر.

نعلم ما كان
في ماذا
بمَ ترسَّبَ.
بعض الناس السذّج
لم يقتربوا بما يكفي
ليشمّوا المِسك،
هم غير قادرين على الحكم.

مع ذلك يفعلون،
وآخرون يكرّرون
جهلهم.
ماذا نُسمِّي ذلك؟

مرّة أخرى
عطر من جرّة
يقود آلاف الأتراك إلى الجنون،
وكذلك الهندوس،
أو ساحرة تَركَب الجرّة
من مدينة إلى مدينة
ساحرة تضحك على
ساحرات بدون جرار.

حسناً أن تتبع عطراً
تمسكه بنفسك
على طريقك، وحيداً.
دعه يأخذك إلى وجه
مَنْ هرب
من الجرار والأقداح.

لقد سمعت القول القديم
بين السكارى،
أنا عمّ الجرّة.

جدْ واحداً مثل هذا
واجلسْ بجانبه.
لن تكون هناك
ثرثرة غير خبيرة،
ربما لا كلمات.

يترسَّب الصمتُ
في الجرّة الفارغة
كعطر،
كنهر
في فيضان ربيعي.
تلك هي الجرّة
التي كنتَ تبحث عنها.


أنت أيها الفقير، استرخِ قليلاً

أنت أيها الفقير، استرخِ قليلاً.
عقولنا قد توجَّهت إلى الملجأ.

حافّة الجرّة،
الأحمرُ المعتم،
المدينةُ تحترق.
هذا المشط لا ممسك له،
أسنان كلّه.

كل لحظة شمعة
هناك عثّ جديد.
بعض الناس عندما يسمعون
كيف
يجنّ العقل في العشق،
يغلق.

تنقبض قلوبهم.
بلبلة مستسلمة
من بغض الفكر لها
يبتكر مفتاحاً مصنوعاً
من النار
ليحطم
القفل،
الباب،
وكل البيت.

قد مضى من قبل،
جنون العشق
ولم يتبقَّ شيء،
لا حجرات،
لا باب،
لا قفل،
فقط
ملجأ الأصدقاء هذا
المستهوي الساقط
الذي نُسمِّيه شمساً.


لا موت للعاشقين

الحزن الرهيب أنكَ بشر،
لنشربه كلّه، ولكن بفرْقٍ.

نجلس مع الجنيد والبسطامي.
القمر الصاعد لا يمكن تغطيته بسحابة.

لا موت للعاشقين.
مَن الأنا؟
صبيّة رقيقة
تنسلّ إلى الخارج
عندها نسلّ سيف عمل نكران الذات.
هذه الأرض تأكل الرجال والنساء،
مع ذلك بُعثنا لنأكل العالم،
هذا المكان الذي يحاول خداعنا بـ غداً.
انتظر إلى الغد،
الذي نغلبه بالاستمتاع بالآن فقط.

نجتمع في الليل لنحتفل أننا بشر.
أحياناً ندعو الخارجين على القانون إلى الدفّ.

يشرب السمك البحر،
ولا يصير البحر أصغر.
نأكل الغيوم وضوء المساء.
نحن عبيدٌ نذوقُ الخمر الملكي.

جرّة النبيذ في يمينه

روح هذه الجماعة قادمة نحونا،
الشمس على جبهته،
جرّة النبيذ في يمينه،
خطوة بخطوة.

لا تفسد هذه الفرصة
بالتأدُّب والأماني السهلة.
العون الذي طلبناه موجود هنا،
الدعوة للانضمام إلى الأرواح العظيمة.

كل مكان نجتمع فيه
يصير طقساً
على الطريق إلى الكعبة، ما يعني:
اعبرْ سريعاً خلل كينونتك إلى الغياب.

ذاتُ اسمك والشهرةُ يحميانك
مع عروة جديدة كل لحظة.

الهويَّة الشخصية
غمد.
خالق ذلك،
سيف.
حدّه ينزلق إلى الداخل
ويُوحِّد، الغطاء المتهالك
فوق الصلب اللامع،
عشق يُطهِّر عشقاً.


كنتُ ذات يوم غصناً
أخضرَ في الريح

هل تسمع
ما تقوله الآلة الوترية
عن الشوق؟

الشيء ذاته كعود،
كنتُ ذات مرة
غصناً أخضرَ
في الريح.

كلنا بعيدون
عن وطننا.
اللغة
جرس قافلتنا.

لا تتوقف في
أي مكان.
لحظة أن
تتعلّق بمكان،
يُصيبك
الملل منه.

فكّر في التغيرات الكبيرة التي أنجزتها،
من خلية واحدة إلى بشر سويّ.
أبقِ قدمك خفيفةً،
واستمرّ في المسير.

التركي،
العربي،
اليوناني،
كلّ لسان
ريح كانت ماءً.

كما يحمل النسيم
البحر في داخله،
لذا
تحت كل جملة،
«عُدْ إلى المصدر».
العثّ
لا يتجنَّب اللهب.
الملك
يعيش في المدينة.

لِمَ
أحافظ على
رفقة البوم
في المباني الخربة؟

إذا تصرَّف حمارك بجنون ولم يعمل،
استعملْ سوط الثور على رأسه.
سيفهم.

لا تحاول ملاطفته
ليعود إلى رشده.
اضربْه.


الأشجار

الربيع،
لا أحد يبقى ساكناً،
مع كل الرسائل
التي تصل.

نخرج كأننا ذاهبون
للقاء زوّار،
ورود برّية،
أزهار الماء.

ترتخي عقدة محكمة.
شيء ما
كان قد مات
في ديسمبر
يرفع رأساً ويتفتّح.
الأشجار،
القبيلة تجمعها.
مَن لديه فرصة ضدَّ
حشدٍ فخمٍ كهذا؟

قبل هذه القوّة،
البشر كرات جاهز للقطع،
هاموش يطوّح به بعيداً.

الأشجار في صلواتها، الطير في مديحها

إلهي، للهواء رائحة طيّبة هذا اليوم،
مباشرة من غموض أعماق الريف،
رشاقة كألبسة جديدة قُذفت عبر الحديقة،
طبّ مجاني لكل واحد.

الأشجار في صلواتها،
الطير في مديحها،
أوائل البنفسج ساجدة.
كل ما يأتي من الكائن
يعلق في الكائن،
محتاراً، ناسياً
طريق العودة.

رجل يلتفت
ويرى ولادته
يجرُّ نفسه بعيداً
عن الآخرين.
يمتلئ بالضوء،
والألوان تتبدَّل هنا.
يتجرّعها،
وكلّ واحد يسطع بجماله.
لا أقدر على القول
أنني أشعر بألم الآخرين،
عندما يبدو العالم كلّه
بالغ العذوبة.

وجهاً لوجه مع أسد،
أصيرُ لبوة.
أخرج من بيت المال،
 أشعر بالسخاء.
كل من بقي صاحياً في هذا الطقس
لا بدَّ أنه خائف من الناس،
خائف مما سيقولون.

يكفي كلاماً.
لو نأكل الكثير
من الخضار،
سنفوح كما تفوح
الخضروات.

هناك 3 تعليقات :

  1. صراحة الترجمة ضعيفة و احيانا كثيرة رديئة و تخون بصفة عنيفة المغزى الصوفي و الفلسفي المراد تبليغه . اعتذر عن الصراحة

    ردحذف

عن الرومي بالعربية

نثر حرف ناطق بالعربية عن لسان بالفارسية... #الرومي_بالعربية