المنشورات

الجمعة، 12 ديسمبر 2014

مؤلفات عربية عن الرّومي 1- فصولٌ من المثنوي

فصولٌ من المثنوي
(1)
تقديم: خالد محمد عبده


فصولٌ من المثنوي كتاب للأستاذ عبد الوهاب عزّام، عرض فیه صورًا من‌ کتاب المثنوی لمولانا جلال الدین الرومی، وهو الكتاب  الشهير للرومي، الذي قال عنه العلاّمة فروزانفر (المثنوي کتابُ حکمة وفلسفة وأخلاق وذوق وحال وتربیة ومعارف‌ اجتماعیة) وشاعت تسمیة المثنوي «القرآن فی اللغة الفارسیة» أو (القرآن بالبهلوي) وهي تسمية لا تدل على أن أهل فارس اتخذوا من المثنوي قرانًا وتخلوا عن (القرآن الكريم) بل يظهر منها اهتمامهم بهذا الكتاب الذي يُعد من أهم الكتب الصوفية والعرفانية التي كُتبت باللغة الفارسية، وأن علّق البعض على هذه التسمية بشكل سلبيّ خاصة أهل التيار السلفي والمخاصمين للتصوف، فإن تعليقهم صادر عن خلطهم بين ما يصدر عن إيران من كتابات واهتمام ببعض علماء الإسلام وبين ما يعتقدونه ويدينون به.
على أن تقديس الكتب وإن عرفه أهل إيران وهو منقبة لا مسلبة، فإن التيار السلفي يقدّس من الكتب ما لا يُحصى ومن الشخصيات ما يراه على صواب دومًا، فالفعل مشترك إن صح أن يُدان أحد لاهتمامه بكتاب أو شخص، فالإدانة واقعة عليهم أيضًا.
ما معنى كلمة مثنوي ؟
 تطلقُ کلمةُ (مثنوی) في الاصطلاح الأدبي علی الأشعار التی لشطري کل بیت‌ منها قافیة واحدة، وهي فی مجموعها متماثلة الوزن مختلفة الروی؛ وقد کان هذا النوع من الشعر موجودًا من أقدم العهود في اللغة الفارسیة، واعتمده الشعراء الفرس منذ أن نما وتطوّر الشعر الفارسی، فنحن نجده في (کلیلة ودمنة) المنظومة للرودکي، و(آفرین نامه) لأبي شكور وأمثالهما، ولكن كلمة (المثنوي) حیثما قیلت أو أطلقت فلا ينصرف الذهن إلاّ إلى مثنوی مولانا جلال الدین الرومي[1].
من هو عبد الوهاب عزّام؟
يعتبر الأستاذ عبد الوهاب عزّام طليعة المدرسة المصرية في الدراسات الشرقية[2]، التي بدأت ارتأت أن العناية بالدراسات الفارسية سبيلاً من السبل الهامة لفهم الحضارة الإسلامية، خاض الأستاذ عزّام هذا الميدان وعمل فيه بأسلوب علمي راقٍ، من خلال مطالعته لتراث الإسلام في لغتيه العربية والفارسية، وكذلك من خلال مطالعته على الثقافة الغربية واتصاله بالأساتذة المتخصصين فترة دراسته في الخارج، وبعد عودته ظلّ على اتصال بهؤلاء، نذكر منهم المستشرق الإنجليزي نيكلسون الذي اشتهر بدراساته الأدبية والصوفية، وتقاطع اهتمام عزّام بالرّومي والعطّار وغيرهما من أعلام التصوف الفارسي معه. كتّب عزّام عن نيكلسون في مجلّة الرسالة ليعرّف القراء به، كما عرّفهم بغيره من أعلام المستشرقين، وعلى الرغم من محبته الصادقة لهؤلاء الدارسين إلاّ أنه لم يتابعهم في كل ما كتبوه عن التصوف وساجلهم في بحوثه ومقالاته وكتبه.
لم يكن كتاب فصول من المثنوي هو الثمرة الأولى التي خرجت من حديقة عزّام عن التصوف وأعلامه، فقد سبقه بإصدار كتاب هام في وقته عن التصوف وفريد الدين العطّار وظل الكتاب حتى يومنا هذا حاضرًا في المجال الدراسي والصوفي لمن أراد أن يتعرّف على عطّار نيسابور.
فريدُ الدّين العطّار صاحب منطق الطّير وإلهي نامه ومصيبت نامه أحد أشهر ثلاثة ارتبطت أشعارهم بالتصوف الإسلامي أوّلهم سنائي الغزنوي صاحب حديقة الحقيقة التي تأثر بها مولانا جلال الدّين الرومي تأثّرا بالغًا في كتابة المثنوي، وثانيهم العطّار، وثالثهم وأعظمهم وأشهرهم اليوم جلال الدين الرومي[3].
ويعد عطّار نيسابور أحد الآباء الروحيين للرومي، فالكتابة عنه تمهيد ومفتتح لبستان الرومي الكبير، فضلاً عن أصالة العطار وقيمته. بدأ عزّام كتابه عن العطّار بدراسة تمهيدية عن التّصوف كيف نشأ وكيف تطوّر في فصلين، وناقش فيهما آراء المستشرقين في مصدرية التصوف وتطوره،  ثم أصّل للتصوف من خلال آيات القرآن وأحاديث النبي الأكرم، ثم عقد بابًا للحديث عن التصوّف والأدب، ثم دراسة موجزة لإنتاج فريد الدين العطار، وفي الباب الرابع تناول تصوّف العطّار في خمة فصول على النحو التالي:
1- طريق المعرفة عند العطّار
2- الله والعالم والإنسان
3-القضاء والقدر
4-الطريقة
5-تصوّفُ العطّار والإسلام[4].
"إن ابنك هذا سيُضرمُ النّار سريعًا في هشيم العالم"[5]. نُسبت هذه الجملة في (تذكرة دولتشاه) إلى فريد الدين العطار متحدثًا مع بهاء ولد بعد أن وصل إلى نيسابور ومعه ابنه جلال الدّين الرومي.
مولانا واصفًا المثنوي
يصف جلال الدين الرومي خلاصة سيره الفكري وعصارة عرفانه الذي سجّله في المثنوي قائلاً : مثنوينا هو المحبوب المعنوي، الذي لا نظير له في الجمال والكمال، كذلك هو بستانٌ مهيّأٌ وشجرةٌ مهنّأةٌ صُنعت من أجل مجلويّ القلوب أصحاب النظرِ والعشّاق المحترقي الأكباد، فما أسعد الرّوحَ الذي يغدو محظوظًا بمشاهدة حسناء الغيب هذه، ويغدو ملحوظًا نظر عناية رجال الله لكي يدوّن في دفتر (نعم العبدٌ إنّه أوّابٌ).
ومما يُروى من جميل كلام الرومي عن المثنوي، أنه كان قد كتب على ظهر المثنوي: "لم أنظم المثنوي لكي يُجعل وشاحًا ويُكرّر، بل لكي يُوضع تحت القدمِ ويُصعد به إلى السّماء لأن المثنوي هو سُلّم معراج الحقائق، وليس من شأنك أن تحمل السلّم على رقبتك وتدور من مدينة إلى مدينة، فإنك لن تصعد إلى سقف المقصود ولن تصل إلى مراد القلب[6].
 فصولٌ من المثنوي
كان الأستاذ عزّام من أوائل من اهتموا بتعريف القارئ العربي بجلال الدين الرومي، على صفحات مجلة الرسالة المصرية، فَتَحْت بابِ الأدبِ الفارسي كتبَ عدةَ مقالاتٍ في هذا الشأن، وكذلك فعَلَ على صفحاتِ مجلةِ الثقافةِ المصرية، ونُشرت المقالات في الأعداد (165، 167، 168، 169) من السنة الرابعة عام 1942م.
ثم نشر الأستاذ عزّام بعد ذلك كتابه بعنوان «فصول من المثنوي» فى عام 1946، جمع فيه هذه المقالات التي سبق له نشرها، وجعلها مقدِّمة لفصولٍ ترجمها عن المثنوي. وهذه الفصول هي: «قصة التاجر و الببغاء» و«قصة الأسد والوحوش» من المجلد الأول، ثم مقدمة الجزء الثالث من المثنوي. وترجمة القصة الأولى منظومة، وقد قرن فيها الترجمة العربيّة بالنصّ الفارسيّ، وبلغ عدد الأبيات المترجمة نحواً من ستمائة بيت[7].
كما نشر الأستاذ عزام فصلاً موجزًا في التعريف بجلال الدين الرومي في كتاب «قصة الأدب في العالم»[8]، وضمّنه منظومة لمقدمة المثنوي.
في فصول من المثنوي صدّر عزّام كتابه ببيتين من أشعار الرّومي أولهما: أين صدرٌ من فراق مُزقّا كي أبثّ الوجد فيه حرقا. والبيت الآخر يخلص الرّومي فيه مسيرته في كلمات ثلاث: حاصلُ العمرُ حوته أحرُفٌ: كنتُ نيئًا قبلُ.. أُنضِجتُ .. احترقتُ.
وفي مقدمة الفصول يعتبر عزّام كتابه فاتحة لترجمات وأبحاث في الأدب الصوفي سيخصص جزءًا كبير من جهوده للقيام بها. ويبدأ سيرة الرومي بعبارة تدل على حضوره في العالم العربي (تكايا المولوية لا تزال قائمة في مصر والشّام ص 11) لكنها لم تعد كذلك اليوم كما كانت وقت كتابة عزّام لكتابه (عام 1946)، وتحوّلت آثار المولوية إلى أماكن مُتحفية تُزار للتصوير، لا ذكر فيها ولا تلاوة للمثنوي.
وتأكيدًا على عظمة وأهمية كتاب المثنوي يذكر عزّام -ويتابعه الدارسون للرومي بالعربية- كلمة عبد الرحمن الجامي (تُوفي 898هـ.ق) في شأن المثنوي: ( إن كنت عالمًا بأسرار المعرفة فدع اللفظ واقصد المعنى: إن المثنوي المعنوي المولوي هو القرآن، في اللسان الفارسي. ماذا أقول في وصف هذا العظيم؟ لم يكن نبيًّا ولكنه أوتي الكتاب)[9].
يعلّق فريد قطاط على هذه المقولة المنسوبة للجامي قائلاً: هذا القول جزء من بيت شعري ورد ضمن قطعة شعرية نسبها نيكلسون في الصفحة الثانية من شرحه للمثنوي وآنّا ماري شيمل في الصفحة 315 من كتابها الشمس المنتصرة إلى الشاعر الشهير عبد الرحمن جامي، لكن سيد تقي آل ياسين أكّد أن هذه النسبة خاطئة في مقاله (المثنوي قرآن الشعر الفارسي)[10].
وينتقل عزّام للحديث عن سيرة الرّومي، ويكتفي بذكر اسمه مبتعدًا عن الخلاف والنزاع في شأن نسبته إلى أبي بكر الصدّيق أو تنازع العرب والفرس عليه، مكتفيًا بتلخيص ذلك بذكره لبيت شعري عربي : أبي الإسلامُ لا أب لي سواه .. إذا افتخروا بقيس أو تميم .
ويتحدث عزّام عن والد الرومي بشيء من الإيجاز وعن رحلته وأسفاره حتى يستقر به المقام في قونيه، ثم ينتقل للحديث عن الرومي وشيوخه وتعلّمه، ويفرد لشمس تبريزي حديثًا خاصًا، ويرجع نسبه إلى أصول إسماعيلية -كما فعل عارف تامر[11] ومصطفى غالب عند الحديث عن شمس تبريزي- ويعيّن عزّام شمسًا فهو ليس صوفيًّا جوّالا مجهولا أو غامضة سيرته، بل هو سالك له سند في الطريقة الصوفية تلقى التصوف على مشايخ بعينهم، وقد هاجر من موطنه استجابة لأمر شيخه (فصول ص 16).
ويعتبر عزّام المثنوي منظومة صوفية فلسفية عظيمة، ولحسام الدين جلبي في الكتاب دورٌ لا يقلُّ عن دور شمس تبريزي في الديوان، إذ كانت طريقة تدوين المثنوي أن يُملي الرومي الكتاب وحُسام يكتبُ، وكانا أحيانًا يقطعان الليل كله إنشاءً وكتابة، تدلُّ على هذا الروايات وفصولٌ من المثنوي نفسه.
ورغم أن الرومي نظم المثنوي على وزن معين، إلاّ أنه لم يكن منشغلاً مستغرقًا في في النظم، وسرعان ما نقله الشاغل اللفظي إلى الحبيب المشغول به، يقول الرومي في قصة التاجر والببغاء: أفكرُ في القافية وحبيبي يقول لا تفكّر إلاّ في رؤيتي. اطمئن أيها المفكر في القافية، فأنت قافية السعادة أمامي. ما الحرفُ فتفكّر فيه؟ إنه الشوق في جدار البستان. إني أمحقُ القول والحرف والصوتَ لأناجيك بغير هذه الثلاث. أفشي إليك السرّ الذي أخفيته عن آدم يا سرَّ العالمِ... إن الذي أحسه وراء الصوت والحرف، بل وراء الأسماع والأفهام.
بعد حديث عزّام عن المثنوي وأسلوب جلال الدين الرومي، يورد ما اصطلح على تسميته (أغنية الناي) التي شاعت وانتشرت في اللغة الإنجليزية عبر الترجمة، وكان عزّام قد ترجمها إلى العربية منذ وقت مبكّر وأدرجها  في كتاب قصة الأدب في العالم الذي أحلنا عليه في هذا المقال قبل قليل، ومنها:
استمع للناي غنّى وحكى شفّه الوجد طويلاً فشكى
مذ نأى الغابُ وكان الوطنا ملأ الناس أنيني شجنا
أين صدرٌ من فراق مُزقّا كي أبثِّ الوجد فيه حُرَقا
من تشرِّده النوى من أصله يبتغي الرُجعى لمَغْنَى وصله
كلُّ نادٍ قد رآني نادبا كلّ قوم تخِذوني صاحبا
ظنّ كلٌّ أنّني نعم السمير ليس يدري أيّ سرّ في الضمير (فصول، ص22)[12].
ثم يخصص عزّام حديثًا لديوان الرومي (غزليات شمس تبريزي) بعد حديثه عن المثنوي، ويفرّق عزّام بين المثنوي والديوان على النحو التالي: الفرقُ بين المثنوي والديوان أن الأول منظومة واحدة في وزن واحد من التقفية، وفيها تعليم بين تفسير آية وشرح قصة وضرب مثلٍ، وإن كان هذا كله متصلاً بمقصده الأخير حبُّ الله والفناء فيه، فجلال الدين الرومي في المثنوي أستاذ معلّم مختلف الأساليب، يخاطب وينصح ويعظ، وينتقل بتلاميذه من فن إلى آخر، ويغلبه الوجد بين الحين والحين، فيرتمي في البحر الذي لا يعرف سابحه أو غريقه ساحلاً. وأمّا الديوان فهو قصائد قصيرة يغلبُ فيها فورة الشعر وخياله فهو من هذه الناحية أعلى من المثنوي وأدق، وأدخل في الشعر، ويكثر فيه الرمز، ويجود فيه التصوير، ومنه:
هذه الدار لا تفتر فيها الألحان .. سل ربّها أي دارٍ هذه؟! إن كانت الكعبة فما صورة الصنم هذه؟ وإن كانت دير المجوس فما هذا النور الإلهي؟ في هذه الدّار كنزٌ يضيقُ به العالم.. وإنما هذه الدار وهذا السيد فعلٌ وذريعة.. أيّها السيد أطل علينا من الشرفة مرة! فإن في خدّك الجميل أمارة من الإقبال. أقسم بروحك أن ما عدا رؤية وجهك -ولو كان مُلك العالم- خيال وخرافة. (فصول، ص 24-25).
وفي الفصل المخصص للحديث عن آراء الرومي الفلسفية والأخلاقية والصوفية والدينية يقول عزّام: يتعذّر على الباحث أن يُجمل آراءه ولو في المسائل الكبرى، فإن مسألة واحدة منها تحتاج إلى فصلٍ أو أكثر، فقصارى المتكلم في مثل هذا المقام أن يعرض أمثلة من قوله في بعض المسائل. (فصول، ص25). وعليه فقد عرض عزّام لفكرة الفناء عند الرومي، والقضاء والقدر، بشكل موجز وسريع.
ثم شرع في ترجمة ما اعتزم أن يقدّمه للقراء كمختارات من المثنوي، فترجم قصة «التاجر والببغاء » و«قصة الأسد والوحوش» من المجلد الأول، ثم مقدمة الجزء الثالث من المثنوي. وترجمة القصة الأولى منظومة، وقد قرن فيها الترجمة العربيّة بالنصّ الفارسيّ، وبلغ عدد الأبيات المترجمة نحواً من ستمائة بيت.



لتحميل كتاب فصول من المثنوي (انقر هنا)



[1] راجع بديع الزمان فروزانفر، من بلخ إلى قونية، ترجمة عيسى علي العاكوب، نشرة دار الفكر سوريا2006، ص 243.
[2] : راجع  محمد عبد السلام كفافي، الدراسات الفارسية في مصر وجهود عبد الوهاب عزّام، مجلة الكتاب العربي، عدد 44، يناير 1969.
[3] : السابق نفسه، ص 25.
[4] : راجع عبد الوهّاب عزّام، التصوف وفريد الدّين العطّار، نشرة حديثة أعادت طباعتها مؤسسة هنداوي، القاهرة 2013.
[5] : راجع بديع الزمان فروزانفر، من بلخ إلى قونية، ترجمة عيسى علي العاكوب، نشرة دار الفكر سوريا2006، ص 49.
[6] : السابق نفسه، ص 249، 250.
[7] : راجع  محمد عبد السلام كفافي، مثنوي جلال الدين الرومي، الجزء الأول، نشرة المكتبة العصرية بيروت، ص62.
[8] : راجع احمد أمين و زكي نجيب محمود: قصة الأدب في العالم، ج‍١، ص4٩٠-4٩٨.
[9] : انظر فصول ص 11. وقارن مثنوي كفافي ص 43.
[10] : فريد قطاط "الرمزية والتمثيل في قصة العميان والفيل" وقائع الندوة التي أقيمت بمناسبة المئوية الثامنة لوفاة مولانا جلال الدين الرومي، نشرة المجمع التونسي للآداب والفنون، قرطاج 2009م،ص198.
[11] : فعل ذلك عارف تامر في مقالين له نُشرا في مجلة الدراسات الأدبية ببيروت، ومصطفى غالب في كتابه عن الرومي الذي نُشر في دار الأندلس ببيروت.
[12] :قارن ترجمة كفافي، المجلد الأول، ص 36: استمع للناي كيف يقصّ حكايته، فهو يشكو آلام الفراق (قائلاً) : إنني منذ قُطعت من منبت الغاب، والناس جميعاً يبكون لبكائي! إنني أنشد صدراً مزّقه الفراق، حتى أشرح له ألم الإشتياق. فكلّ إنسان أقام بعيداً عن أصله، يظلّ يبحث عن زمان وصله. لقد أصبحتُ أنوح فى كل مجتمع ونادٍ، وصرتُ قريناً للبائسين والسعداء. وقد ظنّ كلّ إنسان أنه قد أصبح لي رفيقاً، ولكنّ أحداً لم ينقّب عما كمُن فى باطني من الأسرار! وليس سرّي ببعيد عن نواحي، ولكن أنّى لعين ذلك النور، أو لأذن ذلك السمع الذي به تُدرك الأسرار.

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

عن الرومي بالعربية

نثر حرف ناطق بالعربية عن لسان بالفارسية... #الرومي_بالعربية