المنشورات

السبت، 8 نوفمبر 2014

أساطين التصوف الإسلامي في بلاد فارس 1



جلال الدين الرومي:أحد أساطين التصوف الإسلامي في بلاد فارس -1- 

بقلم: محمد ناعم 

المصدر: العدد 287 من مجلة دعوة الحق
جمادى 1-جمادى 2-رجب 1412/ يناير فبراير 1992

    * مدخــل:إنه لمن العسير في هذا البحث البسيط أن نكتب عن أحد أساطيــن التصوف الفلسفي الإسلامي في بـلاد فارس الذين دخلـوا التاريخ من أوسع أبوابه، بمـا خلدوه من الصفحـات المشرقة في ميدان التصوف الفلسفي الإسلامي.
    فالكتابـة عن جـلال الدين الرومـي عمل شاق يتطلب سعة الاطلاع، وعمق الصبر في البحث والتنقيب في مختلف المصادر والمراجع، التي هي في واقع الأمـر قد ظلمته ظلما كبيرا، حيث إنهـا لم تشر إليه إلا من زاوية صغيـرة، أو بإشـارات غامضة ومبهمة، متصرمة الحلقات. مفككة الوقائـع إلى درجة أنهـا لا تستطيع أن تعطيك صورة كاملة وواضحة عن حياة جـلال الدين وفكره، والظروف التاريخية والسياسية والثقافيـة المعاصـرة له، علاوة على ذلك، فمؤلفـاته المنشورة والمنظومـة لم تحظ بترجمـات عربية جيدة سوى مثنويه الذي قـام بترجمة بعض أجزائـه كل من الدكتـور عبد السلام كفافي، والدكتـور عبد الوهـاب عزام وغيرهمـا. هذا ونـرى في المقابل في ظهـور عدة ترجمـات باللغات الأجنبية، منهـا ما استمـر ترجمته إلى أكثر من نصف قرن.
    ومـا يمكن أن نسجله هنا، أن هـذه الشخصية لم تسلم مــن التحريف والوضع والتحامـل، إمـا من طرف أنــاس لا يفهمون من التصوف إلا تكايا الانعزال، وحـرفة أصحاب الأسمال وطقطقة المسابـح، وبعض الأعمال والطقوس والعادات التي يبرأ منهـا دين الإسلام نفسـه، أو أولئك   المفتونين بهذه الشخصية، والذين يضفون عليهـا الكثير من القداسة، وينسبون إليها عادات وخوارق، وينسجـون حولها الأساطيـر التي لا تتفق مع مواقف ومبادئ الرجل، كمـا لا تجاري الشرع أو العقل والمنطق، وعلى كل حال، فسيرته كسائـر سير العظماء، أضيف إليهـا ما ليس فيها، إما عن حب وهـوى وحسن قصد، وإمـا عن حقد وسوء نية وقصد.
    هذا، ويبقى جـلال الدين أسمى مما ذهب إليه هـؤلاء وأولئك، وبإمكـان أي دارس أن يستجلي كنه هذه الشخصية، استنادا إلى مميزات فكر هذا الرجل، مستوحيا تقييمهـا على ضوء الآثار والظروف التاريخية والثقـافية التي عاش فيها، والتي كان للعقـل صولة وسلطان فيها، إلى حـد أن اصبح الشطط في أعمـال الفكر، وإقحـام العلوم العقلية، والاستدلالات والقياسات المنطقية، بارزا في جميع المعارف الثقافيـة، حيث تسربت هذه العـدوى لجميع فئـات المجتمع، وغدت بذلك الفلسفة المهيمنة على الساحة الفكرية.
    يقول أبو الحسن الندوي رحمه الله:
    «خضعت الأوساط العلمية والحركات الفكرية في القرن السابع للاستدلال والقياس العقلي خضوعا زائدا، وأصبح المؤلفون والمتكلمون والباحثون والدعـاة مضطرين إلى البراهين العقلية، والمقدمـات الفلسفية في إثبات حقيقة غيبية، أو تقرير عقيدة دينية».
    وجـاء العلامة (فخر الدين الرازي) (606هـ)، فجدد دولـة علم الكـلام ووسعها بشخصيته القوية، ومؤلفـاته العظيمة وبحوثه الدقيقة ( 1). وكـان نتيجة ذلك، أن طغى على العالم الإسلامـي(الجفاف الفلسفي) ـ إن صح التعبيرـ .
    وإذا كان الغلو في القياس والاستدلال قد أفاد العقـول جدة ونشـاطا، فقد أفقـد القلوب إيمانـا وحرارة، لذا كـان من الواجب ظهـور شخصية قوية لهـذا الإعصار الفكري الجامـح الذي ساور جميع العقول على اختلاف مشاربهـا وخامر النفوس على اختلاف شرائحهـا وقسماتها لإرجاع الصفو لدين الفطرة.
    يقول أبو الحسن الندوي:
    «كـان العالم الإسلامي في حاجة إلى شخصية تستطيع أن تنفـخ بقلبها الولوع وعاطفتهـا القوية، روحا جديدة في المجتمع الذي طغـى عليه العقل ـ على حساب العاطفة ـ وساد عليه الجمود، شخصية تستطيع أن تؤسس كلاما جديدا لا يصارع العقول، ولا يكتفي بإفحام المجادلين، بل يحل العقـد النفسية والفكرية التي خلفهـا علم كلام، ويملأ القلوب سكينة وإيمانا».
    لقد وجـد هذا الرجل المطلوب في شخصية مولانـا «جـلال الدين الرومي»، وقد كـان ديوان شعره الذي يعرف عادة «المثنوي المعنوي» ثورة على علم الكـلام الذي فقد جدته وقوته، ونقد الفلسفة في اتجاههـا ومنهجهـا، ونعى على الفلسفة التي جاوزت حدودها، وبالغت في تقدير الحواس وتقديس العقل، وكان الكـلام جديدا، كـان أكثر إقناعا للعقول الجامحة الثائـرة، والنفوس المضطربة الحائرة من علم الكـلام، الذي تزعـم وتكفل به طوال القرون ( 2).
    وبناء على هـذا، فإن شخصية جلا الدين الرومي التي نحن بصددها تبـدو متشعبة المنحنيات الفكرية والثقافية، لنجدهـا إلى جانب اشتغالها بالعلـوم الشرعية، متضلعة في العلوم العقليـة، ومتبحرة في التصـوف الفلسفي إلى جانب قدراتهـا الأدبية التي توصل عن طريقهـا أفكارهـا وآراءها بلغة شعرية، رقيقة لألفاظ، محكمة المبنى، رائعـة الأسلوب، والتي تبين لنـا سمو ذوقهـا، ونقاذ بصيرتهـا.
    فكل هـذه النواحي في شخصية جـلال الدين الرومي تستحق الدرس والتخصص، لأنه يبدو من العسير أن يتناولها شخص واحد ويفيهـا حقها، ويُلـمُ بجميع جوانبها.

    1 ـ حياته:
    هـو جلال الدين محمد بن محمد البلخـي ثم القونوي، ولـد في بلخ سنة 604 هـ، ولقب بالرومـي، نسبة إلى أرض الروم، حيث قضى معظم حياته.
    كـان أبوه فقيها من أتباع المذهب الحنفي، ولقب لمكانته بسلطان العلماء. (ويعرف بسلطان ولد)، وقد ترك بلخ بصحبة أسرته سنة 609هـ ، وكان جلال الدين في الخامسة من عمره، وتنقلت الأسرة من مدينـة إلى مدينة، ثم ذهبت الأسرة بعد ذلك على بغداد، ثم إلـى مكة، وانتقلت بعد ذلك إلى ملطية، حيث أقامت أربع سنين، ثم إلى لارندا (قرمان الآن)، حيث أقامت سبع سنين، ثم تركت لارندا إلى قونية التي كانت عاصمـة السلطان علاء الدين السلجوقي، الذي كان من سلاجقـة آسيا الصغرى، وقد توفـى والد الشاعر ـ جلال الدين الرومي ـ في هذه المدينة سنة 628 هـ.( 3)                                       
    وتجمع الروايـات أن جـلال الدين الرومي بعد تلقيه العلوم عن أبيه، ثم علـى يد أحد أصدقـاء أبيه وهو برهـان الدين محقق الترمـذي، أنه أصبح معلما دينيا، وواعظـا وفقيها، جلس على بساط الفتوى في قونية، وعمـل في حقل التدريس خلفاً لأستاذه برهـان الدين محقق، إلا أن لقاءه بشمس الدين التبريزي، الشاعر الصوفي المتجول سنة  462هـ، غَيَّـر مجرى حياته، وكان نقطة تحول في فكره وسلوكـه، فانقطع إلى التصوف، ونظم الشعر.
    يقول أحمد أمين في كتابه قصة الأدب الفارسي:
    «كـان جلال الدين حين مـات أبوه في الرابعة والعشرين من عمـره فقام مقامـه في الفتوى والوعـظ والتذكير، ثم رحـل بعد سنتين من وفاتـه إلى حلب، وتزود بحظ وافر من علـوم التنزيل والتأويل، وقصـد بعد ذلك دمشق، فأقـام بها أربع سنوات، قرأ خلالهـا كتاب هداية الفقه، وبعد سبعة أعـوام من مقامه في بـلاد الشام بحلب ودمشق. عـاد إلى قونية، واشتغل بالفتوى والتدريس، فخلب عقول الناس بزهده ورياضته وعلمه، ودعـوه إمام الدين وعمـاد الشريعة، وإذا به يتحول فجأة عن محجـة العلماء إلى طريقة العرفاء على يـد رجـل غريب الأطوار يقال له شمس الدين التبريزي، فانقطع عن أصحـابه، ودخل في زمـرة أهل التصوف، ولم يبال في ذلك لومة لائم».
    توفي جلال الدين الرومي بقونية متأثرا بالحمى يـوم الواحد الخامس من جمادى الأخيرة سنة (672هـ/ 1273م) تاركا وراءه تراثـا ضخما، مؤلفات عديدة منظومـة ومنثورة، وبموته طويت صفحـة مشرقة من أعظم الصفحات الخالدة في التصوف الفلسفي الإسلامي. ولما خرجت جنازته ازدحـم عليها أهل البلد ازدحاما كبيرا، وشَيَّعَهـا أتباع كل ديانة وهم يبكـون، وكان اليهـود والنصارى يتلون التوراة والإنجيل وكان المسلمون يُنَحُّونَهـم فلا يَتَـنَحَّون، وبلغ ذلك حاكم البلد، فقال لقساوستهـم ورهبانهـم: مالكم ولهذا الأمـر؟. وإنهـا لجنازة مسلـم، فقالوا: به عرفنـا حقيقة الأنبياء السابقين وفيه رأينا سيرة الأوليـاء الكاملين.
    وكانت الجنـازة خرجت في الصباح الباكـر، ووصلت إلى مقبـرة البلد عنـد المسـاء، ودفنت في الليل. ( 4)
    ومشاركة اليهـود والنصارى في تشييع جنازة جلال الدين الرومـي لا تبدو فيها أي غرابة إذا عرفنا أن جـلال الدين دينه                                             

    2 ـ شيوخـه في التصوف
    تربى جلال الدين وتتلمـذ ودرس على يد كل من أبيه الذي كان يعتبر من أعـلام عصره، ومن المشايخ الكبار في بلاد فارس، والذي كان يلقب بسلطان العلماء، ثم على يد برهان الدين محقق أحـد تلامذة أبيه، لكن الروايات لـم تذكر الشيـوخ الذين تتلمذ عليهم، أو أخـذ عنهم بعض المبادئ في علم التصوف، أو من تأثر بهم، سوى لقاءه بكمال الدين بن العديـم بحلب، وسعد الديـن الحموي، والشيخ عثمان الرومي، والشيـخ أوحد الدين الكرمانـي، والشيخ صدر الدين القونوي، والشيخ محيي الدين بن عربي، وبعض مريديه بدمشق أثناء رحلاته العلمية التي كان يستزيـد فيها، وينهل من معارف عصره المتفرقة في بقاع العالم الإسلامي.
    وفي هذا الصدد، يقول أبو الحسـن الندوي:
    «بدأ جلال الدين دراسته عند الشيخ برهان الدين المحقق (الترمذي) الذي كان من تلاميـذ والده، ونبغ على يده، وقد كان والده الشيخ (بهاء الدين) ينتقد علمـاء العصر لعكوفهم على دراسة العلوم العقلية وتعليمها، وانصرافهم عن القـرآن والحديث، وكان الشيخ مهابا جليل القدر، يجله العامة والخاصة، وتأتيه الفتاوى من أقاصي البلاد، فحسده العلماء وأوغروا صدر الملك عليه، وقد هاله التفاف النـاس حوله وصدورهم عن رأيه فأوعـز إليه بالخروج من البلاد، وهاجـر الشيخ بأهله، وأقام في مدن كثيـرة كان فيهـا موضع حفاوة بالغة وإجلال، حتى استقر في (قونية) سنة 626هـ بدعوة من (علاء الدين كيقياد) سلطان الروم الذي احتفى به، وبالـغ في إكرامـه، وبايعه» ( 5)
    مكث الشيخ (بهاء الدين) سنتين في (قونية)، وتوفي سنة 638هـ، وخلفه ولده النابغة ( جـلال الدين)، وبنى له الأمير بدر الدين (كهرتاش) أستاذ السلطان مدرسة عرفت بمدرسـة (فدانذكـار)، ووقف لها أوقافا واسعة، وولاه رئاستها.
    واشتهر جلال الدين في التدريـس والوعظ والإرشاد على نمط والده العظيم ولم يمنعه هـذا الجاه العريض، والمكانة المرموقة، من التوسـع في الدراسات والتبحر في العلوم، وسافر سنة 630هـ إلى بلاد الشام، ومكث في المدرسة (الحلاوية) بحلب، واستفاد من كمال الدين بن العديم:                       
    وقد أقر له علماء حلب بالنبوغ الاطلاع الواسع.
    ومن حلب توجه جلال الدين إلى دمشق، حيث أقام بالمدرسـة ( المقدسية) وكانت له مجالس لطيفة مع الشيخ محيي الدين بن عربي، والشيخ سعد الدين الحموي، والشيخ عثمان الرومـي، والشيخ أوحد الدين الكرماني، والشيخ صدر الدين القونوي، وقـد اجتمعوا في دمشق في ذلك العصر.
    رجع جلال الدين في سنة 634هـ إلى قونية، وعكف على التدريس والإفتاء. وقد نزح إلى (قونية) كثير مـن العلماء والأشراف الذين هاجـروا من بلادهم في فتنة التتـار، فأصبحت مدينة العلـم، ملجأ العلماء والفضـلاء، واستقـر بها أصحاب الشيـخ محيي الدين بن عربي بعـد وفاتـه، منهم الشيخ صـدر الدين القونـوي.
    إلا أن ما يمكـن تسجيله هنا، أن أكثـر الشيوخ أثرا على جلال الدين الرومي هـو شمس الدين التبريزي، لأنه نقطة التحول، والسبب الأول الذي جعل جـلال الدين يخوض هذا الطريق الجديد فكـرا وسلوكـا وممارسة، بعدمـا كان مهتما بالعلوم الشرعية والعلوم العقليـة التي كانت سائدة في الأوسـاط الثقافية آنذاك.
    وقد أشـار جلال الدين إلى هذا المعنى بقوله في بيت له: «إن شمس الدين التبريزي هو الذي أراني طريق الحقيقة، وهو الـذي أُدِينُ له في إيماني» ( 6)
    ويقول سلطان ولد ابن جلال الدين:
    «إن الأستاذ الكبير أصبح تلميـذا صغيرا للشيخ التبريزي، يتلقى منه الدروس كل يوم، إنه وإن كان نابغـة في العلوم، ومقدمـا في الزهادة، ولكنه رأى عنـده علما جديدا لا عهد له به».( 7)
    ولقد كـان جلال الدين مفتتنـا إلى حد كبير بشيخه التبريزي، حيث كـان يكتب إليـه القصائد الطوال، يرجوه أن يعـود إليه، يجالسـه ويحادثه، ليطفئ ما يعانيه مـن لواعج الفراق والحنين إليـه، يقول في إحداها:
    أيهـا النـور فـي الفــؤاد تعـــالى   * غايـة الوجـــد والمـراد  تعــــال
    أيها السابـق الــذي سبقــــت منـ   * ـك مصــدوقـة الـوداد تعـــــال
    يا ســرور وسعــادة إذا  قدمـــت  * ويـا حزنـا وكســـادا إذا غبــــت
    أنـت كالشمــس إذا دنـت ونـــأت  * يا قريبــا على البعـــاد تعـــال 
    ( 8)
     كما أن خضوع جـلال الدين العالم المتبحر، الذي يُشهـد له بالعلم والزهـادة، للشيخ شمس الدين التبريزي لدليل على ما يتمتع ويتميز به هذا الأخير من طاقة روحية عالية، التي ستطبع فكر جلال الدين لاحقا بتلك النزعة الصوفية، وذلك الفكر التأملي الفلسفي، والذوق الرفيع، الذي يغديه الحب والعشق الذي ذهب به كل مذهب، الشيء الذي جعل جلال الدين يهاجر مريديه، وينقطع عن التدريس والفتوى، وينصرف عن الوعظ والإرشاد، ويعتكف الليالي الطوال مع أستاذه الجديد، منغمسا في هذا البحر الزاخر من الأذواق والمتعة الروحية التي جذبته بقوة كبيرة إليها، حيث وجد الضالة المنشودة، والبغية المفقودة، رغم ما صاحب ذلك من عناء وعنت ومواجهة من طرف الفقهاء والمريدين، الذي حرضوا عامة الشعب على الشيخ شمس الدين التبريزي، الذي أوذي إيذاء كبيرا، اضطر معه إلى أن يختفي عن الأنظار سنة 642هـ.
    يقول أبو الحسن الندوي:
    «خضع جلال الدين لشيخه الجديد خضوعا كاملا، وانصرف إليه انصرافا كليا، وتشاغل عن تلاميذه ومريديه، فكبر ذلك عليهم، وثاروا، وقالوا: لقد صرفنا أعمارنا في خدمة الشيخ، وشاهدنا كراماته، وبنا طار ذكره في الآفاق، وجاء رجل غريب مجهول وقطعه عنا، واستولى عليه، فلا سبيل لنا إلى لقائه ورؤيته، ووقفت الدروس والمحاضرات، فلا شك أنه رجل ساحر أو داهية جرف هذا الجبل الراسي من العلم، كتبنة حقيرة، أو ورقة خفيفة».
    اشتدت عداوتهم لشمس الدين، الذي تحمل ذلك في صبر وحلم، حتى تجاوز الحد، وخاف شمس الدين الشر والفتنة، فخرج من قونية مستخفيا، وكان ذلك في غرة شوال عام 643هـ، الأمر الذي فجر قريحة جلال الدين الشعرية من مكامنها، فدون ما أملت عليه من لوعة الفراق المفاجئ، وحنينه إلى لقاء أستاذه وشيخه، الذي دله على هذا الطريق الجديد، وأنار سبيله بمعالم وكلمات خالدة، حيث جمعت تلذ المنظومات في ديوان تحت عنوان: «ديوان شمس الدين التبريزي»، والذي يعتبر نقطة البدء في هذا الطريق الرحب الواسع بالحقائق والأذواق، والمتعة الروحية الكاملة، والحب والفناء في الله.
    أما عن بقية الشيوخ المتصوفة الذين أوردت الروايـات أنه التقى بهم، أو تتلمـذ على أيديهم، فهي غالبا ما تكون مــزعومة أو مختلقة غير موثوق بها، نظرا لأن الكثير منها تحـاول أن تربط  جلال الدين الرومي بأقطاب التصوف، خاصة إذا علمنا أن جـل من ذكرت الروايات أسماءهم عاشوا في غير جيل جلال الدين أو زمانه، كفريد الدين العطار المقتول على يد المغول سنة 627هـ.
    وكانت وراية تروى حول لقاء فريد العطار وجلال الدين الرومي سنة 672هـ على حين كان الأخير طفلا مهاجـرا مع والده، ولا أظن إلا أن الرواية من نسج خيال الرواة القدامى لربـط قطبي الصوفية( 9)

    الهوامش
      1) رجال الفكر والدعـوة ـ الجزء الثاني ص: 322، طبعة دار القلم.
      2) المصدر السابق، ص: 324.
      3) ص: 411، دار المعارف.
      4) رجال الفكر والدعـوة ـ الجزء الثاني، ص: 331، طبعة دار القلم
      5) رجال الفكر والدعوة ـ ص: 325، 326.
      6) رجال الفكر والدعـوة ـ ص: 328.
      7) المصدر السابق، ص: 328.
      8) رجال الفكر والدعـوة، ص: 328.
      9) التصوف عند الفرس ـ إبراهيم شنا، ص:32.
                                                    

    ليست هناك تعليقات :

    إرسال تعليق

    عن الرومي بالعربية

    نثر حرف ناطق بالعربية عن لسان بالفارسية... #الرومي_بالعربية